"حبُّ الوطنِ في كلماتِ صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي" أ . د . قطب الريسوني. ق . أ . عميد كلية الشريعة بجامعة الشارقة

 

"حبُّ الوطنِ في كلماتِ صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي" 

        أ . د . قطب الريسوني

     ق . أ . عميد كلية الشريعة بجامعة الشارقة

        إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له،  وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

          فإن "حبَّ الوطنٍ" عنوانٌ قصيرُ المبنى، ثرُّ المعنى، واختصارُ محاسِنهِ في كليماتٍ معدوداتٍ  يتحيّفُ القيمةَ الشرعيَّة والوطنيَّةَ لهذا الحبِّ المصنوع ِ على عينِ الوحيِ، وعينِ حرَّاسهِ من الصحابة الكرام والسلف الصالحِ.. لكنَّ للمقامِ سطوَتَهُ وشرطَهُ الغالبَ..

      وإذا كان حبُّ الوطنِ شعوراً  وانتماءً وممارسةً تلحم بين المقالِ والفعالِ، فترجمته في سيرة شيوخ الإمارات ناطقةٌ بجلائل الأعمالِ الحضاريَّةِ والعمرانيَّةِ والعلميَّةِ، وليس من صرحٍ يشمخُ في هذه الإمارة أو تلك، أو عارفةِ خيرٍ تجودُ في  مضمار من المضامير إلا ومن ورائها حبٌّ لدينٍ، وأرضٍ، وشعبٍ..

    ومن القادة العظام المحبِّين لوطنهم، الجوَّادين بعوارفهم، الناطقين باسم مصالح الأمة وطماحها: صاحبُ السموِّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وكم له من كلمة ذهبية في حب الوطن، تُضفَرُ في أكاليلَ وسموطٍ، وتوزن بميزان اليواقيت.. ودونكم شذرات تغني عن استيفاء النظائر، وتحيل على المقصود ..

      فمن تأمل خطب َصاحبِ السمو ومقالاته، ألفاها معجونةَ بماءِ حبِّ الوطنِ والأرضِ:

       وهذا الحبُّ عنده فريضة لا ندحةَ عنها، وانتماءٌ داعٍ إلى الافتخار، يقول _ حفظه الله _ : " هذا البلد لا بد لأهله أن يفتخر به، ولا بد لكل إنسان أن يفتخر ببلده، وينتميَ إلى الأرض التي حوته، فالأرض مثل الأم.. " .

      ولا يستحصدُ هذا الحبُّ عنده، ويُترجم في فعالٍ حيةٍ إلا بأمور:

_ أولها: التمسك بالهوية والتراث والأرض، كما في قوله: " الهوية هي الضامن الرئيس لإنسان محبِّ لأرضه، ومنتم لتراث وتاريخ أجداده، وثقافة مجتمعه، ليتواصل الغرس طيباً، والنجاح حليفاً، والولد الزرع مباركاً.. " .

_ والثاني: ترسيخ قيم المواطنة الصحيحة في نفوس الشباب، وتذكيرهم بالعبء الاستخلافي المنوط بقُدرهم ومواهبهم، يقول:   " هذا البلد عزيز علي، وعزيز على كل نفس تحب الخير، ولذلك نحن هنا مع الشباب الذي هو ثمرة هذا الجهد، ونتمنى أن يجدوا الاستقرار النفسي والإيماني والعلمي، حتى يستطيع أن ينجزَ ويكمّل أولاً رسالة الله سبحانه وتعالى في الأرض، وتعميرها على الوجه الصحيح " ..

_ والثالث: تلاحم الراعي والرعية، وتناصرهما على التعمير  بما يتاح من الوسائل المادية وسواعد الجدّ.. يقول : "  أعينوني لأكون ابناً لكبيركم، وأخاً لأوسطكم، وأباً حنوناً لأصغركم "

    ومن اللَّطيف الشَّريف أن يكون دعاءُ صاحب السموِّ كلَّ ليلة نابضاً بحبّ الوطن، صادحاً بالعطف على أبنائه، وكأني به يهتبلُ كل ساعة من بياض نهاره أو سحابة ليله  في تذكير رعيته بالانتماء الوطني، وتنبيه ربِّ كلِّ عملٍ بواجبه في الصون والحياطة ، يقول:  " اللهم إني أودعتك هذا البلد، اللهم احفظ نساءه، اللهم احفظ أبناءه، اللهم أسكن فيه الأخيار، وأبعد عنه الأشرار، اللهم إن كانت هذه آخر ليلة ، فضعها في يد من يحبك يا الله"..

     كلماتٌ باذخاتٌ لا تقف عند حدّ القولِ المسبوكِ، والحكمة الفائقة؛ بل تهمي بالخير على أرض الشارقة، فتهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج:  جامعاتٌ، ومدارسُ، ومعارضُ، ومتاحفُ، وملاعبُ، ومنتزهاتٌ.. وإن شئت أن تختصرَ  بواعثَ هذه القوْمةِ الحضاريةَ في كلمةٍ جامعةٍ، فلا أدلَّ من كلمةِ :حبِّ الوطن.

       ولستُ أحيدُ عن مدرجةِ الحقِّ إذا قلتُ: إن حبَّ الوطنِ يُدرَّسُ من سيرِة صاحب السموِّ، وكيف لا وقد أشبلَ على رعيَّتهِ بجناحٍ رفيق، وزرع فسائل الخير في كل طريق، فأعنقَ الزرع، وتطاول البناء، وطابَ ذكر الشارقة في فم التاريخ.. حتى إذا دخلتها زائراً أو حللت بها مقيماً لم تملك إلا أن تعبر عن أنسك بها واسترواحك إليها  بِـمَسْبوكاتِ الإعجابِ: نِعْمَ، وحَبَّذا، وحَسُنَ، وأَكْرِمْ بهِ، وأنعم به، ولا أحْلَى..

      ولا أجدُ خاتمةً أحْلى في اللِّسان، وأعْذَبَ في البيان، وأجمَعَ لـمَواجِدِ النّفس، مثل هذه العبارةِ : ( سلطان القلوب يدخل التاريخ: فَقِفِي أيتها الكلمات ).

 

    

 

 

 

 

 

تعليقات