خيانة الطرق الصوفية لأوطانها وولاؤها لأعداء الدولة.

  

خيانة الطرق الصوفية لأوطانها وولاؤها لأعداء الدولة.

من شواهد الولاء الذي كانت تدين به الطرق الصوفية للحكومة الاستعمارية المحتلة لبلاد الجزائرما نشرته جريدة " لابريس ليبر" ، وهي جريدة فرنسية استعمارية يومية كبرى، كانت تصدر في عاصمة الجزائر، ففي عددها الصادر يوم السبت " 16 مايو 1931 الموافق 28 ذي الحجة 1350هـ" نشرت خطبة الإخلاص والولاء لفرنسا التي ألقاها صاحب السجادة الكبرى، وهو محمد الكبير، رئيس الطريقة التيجانية  بين يدي الكولونيل " سيكوني " الفرنسي، وقد أوردت الجريدة جانبا كبيرا من الخطبة ، كله ثناء لا يحصى ولا يعد على فرنسا المستعمرة ، فوصفها الخطيب بأنها أم الوطن الكبرى، وانهال عليها مدحا وشكرا بما لا يخرج عن معنى ما نسمعه دائما من دعاتها المأجورين، إلا أنه قال: حتى الأراذل والأوباش أعداء فرنسا الذين ينكرون الجميل ولا يعترفون لفاضل بالفضل قد اعترفوا لفرنسا بالمدنية والاستعمار.

فمما قاله عن فرنسا : " حملت عنا ما يثقل كواهلنا من أعباء الملك والسيادة ، وحملت الأمن والثروة والرخاء والسعادة"

وقال: : إن من الواجب عليها إعانة حبيبة قلوبنا فرنسا ماديا وأدبيا وسياسيا .

وقال : إن أجدادي قد أحسنوا صنعا في انضمامهم إلى فرنسا قبل أن تصل إلى بلادنا.

وتزداد مظاهر اتلخنوع والذل عند هذا الطرقي التيجاني عندما أخذ يتبجح بتعداد خدمات الطريقة التيجانية ورجالها لفرنسا المستعمرة ، فيقول:

-        " ففي سنة 1254هـ - 1838م كان أحد أجدادي قد أظهر شجاعة نادرة في مقاومة أكبر عدو لفرنسا ، الأمير عبد القادر الجزائري، ومع أن هذا العدو الأمير عبد القادر قد حاصر بلدتنا عين ماضي ، وشدد عليها الخناق ثمانية أشهر فإن هذا الحصار تم بتسليم فيه شرف لنا نحن المعلوبين ، وليس فيه شرف لأعداء فرنسا الغالبين، وذلك أن جدي أبى وامتنع أن يرى وجها لأبرز عدو لفرنسا ، فلم يقابل الأمير عبد القادر.

 

-        وفي سنة 1281هـ - 1864م  كان عمي سيدي أحمد مهد السبيل لجنود الدولة دومال ، وسهل عليهم السير إلى مدينة بسكرة وعاونهم على احتلالها .

 

 

-        وفي سنة 1287هـ -1870م برهن سيدي أحمد على ارتباطه بفرنسا ارتباطا قلبيا ، فتزوج أويلي بيكار، وبفضلها تحولت منطقة كوردان من أرض صحراوية إلى قصر منيف رائع ، وهو أول مسلم تزوج بأجنبية. \

 

ومما يذكر أن أوريلي بيكار أًدرت كتابا أسمته أميرة الرمال ، تعني نفسها ، ملأته بالمثالب والمطاعن على الزاوية التيجانية ومسلمي الجزائر، وذكرت أن أحمد التجاني قد تزوجها على يد الكردينال " لافيجري" على حسب الطقوس المسيحية ، وبقيت أوريلي على كاثوليكيتها ، ولما توفي عنها زوجها خلف عليها وعلى السجادة التجاني أخاه عليا ، فأطلق عليها لقب زوجة السيدين وقد كفأتها السلطات الفرنسية لقاء ما قدمته من خدمات بوسام جوقة الشرف، وقالت عنها في براءة التوجيه : إن هذه السيدة قد أدارت الزاوية التجانية إدارة حسنة كما تحب فرنسى وترضى ، وساقت إلينا جنودا مجندة من أحباب هذه الطريقة ومريديها يجاهدون في سبيل فرنسا كأنهم بنيان مرصوص.

-        وفي سنة 1289هـ-1881 كان المقدم عبد القادر بن حميدة مات سهيدة مع الكولونيل فلاتير ، حيث كان يعاونه على احتلال بعض النواحي الصحراوية.

 

-        وفي سنة 1312هـ-1894 طلب منا جول كوميون والي الجزائر العام يومئذ أن نكتب رسائل توصية ، فكتبنا عدة رسائل وأصدرنا عدة أوامر إلأى أحباب طريقتنا في بلاد الطوارث والسودان ، نخبرهم بأن حملة " فو ولامي " الفرنسي هاجمة على بلادهم، ونأمرهم بألا يقابلوها إلا بالسمع والطاعة ، وأن يعاونوها على تلك البلاد ، وعلى نشر العافية فيها.

 

-        وفي سنة 1324هـ-1907 ، أرسل جونار  والي الجزائر العام يومئذ ضابطه المترجم مدبر الأمور الأهلية بالولاية العامة " مرانت " برسالة إلى المأسوف عليه " سيدي البشير" ، فأٌام عنده في زاوية كوردان شهرا كاملا لأداء مهمة سياسية ، ولتحرير رسائل وأوامر أمضاها سيدي البشير والدي رئيس التجانية يومئذ، ثم وجهت إلى كبراء مراكش وأعيانها وزعماء تلك البللاد وأكثرهم تجانيون من أحباب طريقتنا ، نبشرهم بالاستعمار الفرنسي ، ونأمرهم بأن يتقبلوه بالسمع والطاعة والاستسلام التام، وأن يحملوا الأمة على ذلك ، وأن يسهلوا على جيوش فرنسا تلك البلاد.

 

-        وفي الحرب العالمية الكبرى أرسلنا ووزعنا في سائر أقطار شمال إفريقية منشورات تلغرافية وبريدية استنكارا لتدخل الأتراك في الحرب ضد فرنسا الكريمة وضد حلفائها الكرام، وأمرنا أحباب طريقتنا بأن يبقوا على عهد فرنسا وعلى ذمتها ومودتها.

 

-        وفي سنة 1331هـ- 1913م إجابة لطلب الوالي العام للجزائر أرسلنا بريدا للمقدم الكبير للطريقة التجانية في السنغال سيدي الحاج مالك عثمان ساي ، نأمره بأن يستعمل نفوذنا الديني الأكبر هنالك في السودان لتسهيل مأمورية كورزيل الوالي العام للجزء الشمالي من إفريقيا الغربية ، لكي يسهل عليه احتلال واحة شنقيط.

 

-        وفي سنة 1335هـ-1916م إجابة لطلب المريشال لبوتي عميد فرنسا في مراكش كان سيدي علي ، صاحب السجادة الرئيس الذي كان قبلي كتب مائة وثلاثة عشر رسالة توصية ، وأرسلها إلأى الزعماء الكبار، وأعيان المغاربة يأمرهم بإعانة فرنسا في تحصيل مرغوبتها وتوسيع نفوذها ، وذلك بواسطة نفوذهم الديني.

 

-        وفي سنة 1344هـ- 1925م أثناء حرب الريف أرسلتا أنا المخلص مريد طريقتنا ومستشارنا المعتبر حسني سي أحمد بن الطالب إلى المغرب الأقصى، فقام بدعاية كبيرة واسعة في حدود منطقة الثوار، وتمكن من أخذ عناوين الرؤساء الكبار والأعيان الريقين والمقاديم وأرباب النفوذ على القبائل الثائرة ، وكتبنا إليهم رسائل نأمرهم فيها بالخضوع والاستسلام لفرنسا ، وقد أرسلنا هذه الرسائل إلى مقدمنا الأكبر في فاس، فبلغها إلى المبعوث إليهم يدا بيد.

وبالجملة فإن فرنسا ما طلبت من الطائفة التجانية نفوذها الديني إلا وأسرعنا بكل فرح ونشاط بتلبية طلبها وتحقيق رغائبها ، وذلك كله لأجل عظمة ورفاهية وفخر حبيبتنا فرنسا النبيلة ، والله المسؤول أن يخلد وجودها بيننا لنتمتع برضاها الخالد.

 

ولما انتهى الشيخ من خطبته المبتوثرة نهض " ليوتنان كولونيل سيكوني " رئيس البعثة العسكرية وشكر الشيخ ، وأثنى عليه ، ثم قال: " من كمال مروءتك وإحسانك يا سيدي الشيخ المرابط أنك لم تذكر ولانعمة واحدة من النعم التي غمرتني بها ، فأنت الذي أنجيتني من الطوارث الملثمين وأنقذتني من أيديهم" ، وهكذا جعل الكولونيل يذكر مناقب أخرى للشيخ كثيرة

 

وقال الشيخ التجاني محمد الكبير بن البشير – حاضا للإخوان على الانحياز إلى جانب الدولة المسيحية ضد بني وطنهم المسلمين : الفرنسيون يكافئون من يقدم لهم خدمات، وقد هزمت فرنسا منذ عهد قريب دولة من أعظم دول أوروبا قوى ، ألا يهب الله العلي النصر من يريد لهم النصر.

-        وفي رسالة للمارشال بوجو الفرنس إلى شيخ التجانية ، جاء فيها : إنه لولا موقف الطريقة التجانية المشبع بالعطف لكان استقرار الفرنسيين في البلاد المفتتحة حديثا أصعب بكثير مما كان .

ويضيف قائلا: إن مشايخ الطرق بهم نهم إلى المال، وتعطش إلأى السلطة ، وهم يدركون أن معارضتهم لسلطات الحماية سيحرمهم من الاثنين، وهم يعرفون كيف يبررون موقفهم أمام هؤلاء الأتباع

ويقول أيضا : خلال السنسن الستين الأخيرة كانت التجانية تقدم لنا العون، ومنذ سنة 1329هـ-1911م ونحن نستغل نفوذها القوي في جنوبي المغرب وموريتانيا والريف

 

د. مريم بنت عبد الله باقاري، جهود علماء المالكية في الرد على الصوفية، دار التوحيد للنشر، المملكة العربية السعودية، الرياض، ط1، 1443هـ-2022م، ص 145

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"حبُّ الوطنِ في كلماتِ صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي" أ . د . قطب الريسوني. ق . أ . عميد كلية الشريعة بجامعة الشارقة